حول الطريقة الكركرية
الطريقة الكركرية هي منهج تربوي يهدف إلى إيصال العباد إلى مقام الإحسان، حيث يمكنهم الجمع بين العبادة والشهود، بمعنى "أن تعبد الله كأنك تراه" كما جاء في الحديث الشريف. تسعى الطريقة إلى تمكين مريديها من التوفيق بين السلوك والمعرفة، بحيث تكون حياتهم كلها مكرسة لله رب العالمين. ولهذا السبب، تشدد الطريقة على ضرورة التزام أتباعها بالكتاب والسنة في جميع أحوالهم، لأن وراء كل فعل من أفعال الشريعة المطهرة يكمن سر ملكوتي ونور إلهي يجمع العبد على مولاه وينسيه كل ما سواه. ومع ذلك، لا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا باتباع منهج الشيخ المربي الذي يصف الدواء الروحي المناسب لكل سالك، تطبيقًا لقول الله تعالى: ﴿الرحمن فاسأل به خبيرًا﴾ [الفرقان: 59]. عندئذ، يدخل المريد في العبادة بروحه، لا بنفسه، حيث يؤدي التدين الحق إلى تزكية النفس وتهذيب الأخلاق وزيادة الشوق إلى الله، مما يقرب العبد من الخالق.
الطريقة الكركرية تتميز بأنها طريقة حية يتدفق فيها نور الله تعالى من خلال سلسلة ذهبية تربط الخلف بالسلف، وصولًا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مرورًا بالإمام الشاذلي قدس الله سره. إن صحة السند المتصل في السلوك إلى الله هي دليل على وجود نور محمدي فيه، فمن يدخل في كنف هذا السند تحل عليه بركات العناية والقرب، وترى عليه بشارات أهل الاجتباء. أما السند الذي يفتقد للنور فيكون منقطعًا، ويصلح للتبرك دون التحقق.
تمتاز الطريقة الكركرية بعدة خصائص منها: – ملازمة السنة في الأقوال والأفعال والأحوال – سهولة الفتح أو سرعته، – فالمريد في هذه الطريقة يفتح الله عليه في أقرب مدة وأسرع وقت بفضل الله تعالى، حسب ما استقرأنا من أحوال فقرائها – أنها طريقة بدايتها التلاشي في نور الحبيب والحصول على توحيد الجمع ونهايتها وإن كانت لا نهاية الوصول إلى اسم الله الأعظم المكنون – أنها طريقة تمزج بين الجذب والسلوك، وبين الفناء والبقاء، فتلميذها فان باق في نفس الوقت – أنها طريقة مبنية على التيسير حيث تعلمك شهود المنة عليك، مع ملاحظة التقصير في كل أحوالك – أن الترقي فيها لا نهاية له، لأنه ترقي في مراتب الاسم الجامع – أنها طريقة تجمع جميع مدارس التصوف ومشاربه، فتجد فيها تصوف الفقيه، وتصوف العابد، وتصوف المنطقي والحكيم والطبيعي، كل واحد يجد فيها مشربه الذي يلائمه – أنها طريقة المشاهدة يقول شيخها سيدي محمد فوزي الكركري رضي الله عنه: من لم يشاهد لست بشيخه ولا هو بتلميذي
تسعى الطريقة الكركرية إلى تحقيق أهداف كبرى، منها الوصول إلى الله تعالى والتحقق بمعرفته القلبية على بساط الشهود والمشاهدة، ونشر المحبة والسلام بين الخلق. فهي دعوة للتصالح مع الخالق والمخلوق، وبين الذات والغير. وتهدف أيضًا إلى تحرير المريد من قيود الهوى والنفس، ليكون حرًا مما سوى الله تعالى. ولتحقيق ذلك، يجب على المريد الالتزام بالقاعدة الكبرى في الطريقة، وهي: "استحقر نفسك وعظم غيرك". فمن نظر إلى نفسه بعين النقص وإلى غيره بعين الكمال، قلت عيوبه وكثرت حسناته وعظم نوره.